سورة الشعراء - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} يحشرون الناس يعني: الشُّرَطَ ليجمعوا السحرة. وقيل: حتى يجمعوا له الجيش، وذكر بعضهم: أنه كان له ألف مدينة واثنا عشرة ألف قرية. وقال لهم: {إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ} عصابة {قَلِيلُونَ} والشرذمة القطعة من الناس غير الكثير، وجمعها شراذم. قال أهل التفسير: كانت الشرذمة الذين قللهم فرعون ستمائة ألف. وعن ابن مسعود قال: كانوا ستمائة وسبعين ألفا ولا يحصى عدد أصحاب فرعون.. {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} يقال: غاظه وأغاظه وغيظه إذا أغضبه، والغيظ والغضب واحد، يقول: أغضبونا بمخالفتهم ديننا وقتلهم أبكارنا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها، وخروجهم من أرضنا بغير إذن منا. {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} قرأ أهل الحجاز والبصرة: {حذرون} و{فرهين} بغير ألف، وقرأ الآخرون {حاذرون} و{فارهين} بالألف فيهما، وهما لغتان. وقال أهل التفسير: حاذرون، أي: مُؤْدُون ومقوون، أي: ذوو أداة وقوة مستعدون شاكون في السلاح ومعنى {حذرون} أي: خائفون شرهم. وقال الزجاج: الحاذر: المستعد، والحَذِر: المتيقظ. وقال الفراء: الحاذر: الذي يحذرك الآن، والحذر: المخوف. وكذلك لا تلقاه إلا حذرًا، والحَذَر: اجتناب الشيء خوفًا منه. {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ} وفي القصة: البساتين كانت ممتدة على حافتي النيل، {وَعُيُونٍ} أنهار جارية. {وَكُنُوزٍ} يعني الأموال الظاهرة من الذهب والفضة. قال مجاهد: سماها كنوزًا لأنه لم يعط حق الله منها، وما لم يعط حق الله منه فهو كنز وإن كان ظاهرًا، قيل: كان لفرعون ثمانمائة ألف غلام، كل غلام على فرس عتيق، في عنق كل فرس طوق من ذهب، {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} أي: مجلس حسن، قال المفسرون: أراد مجالس الأمراء والرؤساء التي كانت تحفها الأتباع. وقال مجاهد، وسعيد بن جبير: هي المنابر. وذكر بعضهم: أنه كان إذا قعد على سريره وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من ذهب يجلس عليها الأشراف عليهم الأقبية من الديباج مَخُوصة بالذهب.


{كَذَلِكَ} كما وصفنا، {وَأَوْرَثْنَاهَا} بهلاكهم، {بَنِي إِسْرَائِيلَ} وذلك أن الله تعالى رد بني إسرائيل إلى مصر بعدما أغرق فرعون وقومه، فأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والمساكن. {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي: لحقوهم في وقت إشراق الشمس، وهو إضاءتها، أي: أدرك قوم فرعون موسى وأصحابَهُ وقت شروق الشمس. {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} أي: تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه، وكسر حمزة الراء من {تراءى} وفتحها الآخرون. {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} أي: سيدركنا قوم فرعون ولا طاقة لنا بهم. {قَالَ} موسى ثقة بوعد الله إياه: {كَلا} لن يدركونا، {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} يدلني على طريق النجاة. {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} أي: فضربه {فانفلق} فانشقَّ، {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ} قطعة من الماء، {كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} كالجبل الضخم، قال ابن جريج وغيره لما انتهى موسى إلى البحر هاجت الريح، والبحر يرمي بموج مثل الجبال، فقال يوشع: يا مكلم الله أين أُمرتَ فقد غشينا فرعون والبحر أمامنا؟ قال موسى: هاهنا، فخاض يوشع الماء وجاز البحر، ما يواري حافر دابته الماء. وقال الذي يكتم إيمانه: يا مكلم الله أين أُمرتَ؟ قال: هاهنا، فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزَّبَدُ من شدقيه، ثم أقحمه البحر، فارتسب في الماء، وذهب القوم يصنعون مثل ذلك، فلم يقدروا، فجعل موسى لا يدري كيف يصنع، فأوحى الله إليه: أن اضرب بعصاك البحر، فضربه فانفلق، فإذا الرجل واقف على فرسه لم يبتلْ سَرْجه ولا لِبْدُه.


{وَأَزْلَفْنَا} يعني: وقرَّبْنَا {ثَمَّ الآخَرِينَ} يعني: قوم فرعون، يقول: قدمناهم إلى البحر، وقربناهم إلى الهلاك، وقال أبو عبيدة: {وأزلفنا}: جمعنا، ومنه ليلة المزدلفة أي: ليلة الجَمْع. وفي القصة أن جبريل كان بين بني إسرائيل وقوم فرعون وكان يسوق بني إسرائيل، ويقولون: ما رأينا أحسن سياقة من هذا الرجل، وكان يَزَعُ قوم فرعون، وكانوا يقولون: ما رأينا أحسن زعة من هذا. {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ}. {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} فرعون وقومه. وقال سعيد بن جبير: كان البحر ساكنًا قبل ذلك، فلما ضربه موسى بالعصا اضطرب فجعل يمد ويجزر. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} أي: من أهل مصر، قيل: لم يكن آمن من أهل مصر إلا آسية امرأة فرعون وحزبيل المؤمن، ومريم بنت ناقوسا التي دلت على عظام يوسف عليه السلام. {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} العزيز في الانتقام من أعدائه، الرحيم بالمؤمنين حين أنجاهم. قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ}. قوله: {إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} أي شيءٍ تعبدون؟. {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} أي: نقيم على عبادتها. قال بعض أهل العلم: إنما قال: {فَنَظَلُّ} لأنهم كانوا يعبدونها بالنهار، دون الليل، يقال: ظل يفعل كذا إذا فعل بالنهار. {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ} أي: هل يسمعون دعاءكم، {إِذْ تَدْعُونَ} قال ابن عباس يسمعون لكم. {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ} قيل بالرزق، {أَوْ يَضُرُّونَ} إن تركتم عبادتها.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8